تريد عريسا مصابا بالايدز
تحقيق سلوى النجار
على استحياء ؛قصدتنا لتذكر والجميع بحقها في الحياة. وعلى خجل, اعلنت انها ترضى من الفرح بالفتات. وببساطة فاقت قدرتنا على الاستيعاب ,جاءت كلمات ((امل)) الاسم المستعار:عبر الهاتف :ارغب في نشر اعلان في باب ((شريك العمر))في زهرة الخليج ولكن ظروفي خاصة بعض الشيئ . فانا مصابة ب((الايدز)) وارغب في الارتباط بشخص يحمل المرض نفسه؟)).
فالامر اذن لا يتعلق بنشر طلب زواج عادي, بل له ابعاد وتداعيات انسانية وطبية وشرعية واجتماعية عديدة, لا تعني امل وحدها,بل تهم مئتي وعشرين الف شخص سواها,وهو اجمالي عدد المصابين بفيروس الايدز في العالم العربي حسب تقرير المنظمة الصحة العالمية.تعيش امل في قلب هذا الواقع ,لا يؤرقها ترقب لحظة مباغتة الفيروس الكامن وانهيار المناعة وشراسة الاعراض بقدر ما يؤلهما حرمان والدتها من ان تدعوا لها ان يرزقها الله بزوج طيب وذرية صالحة .او بقدر ما يشقيها انها مضطرة الى اعتزال اشخاص تحبهم خوفا عليهم او بقدر ما يبكيها حلم الامومة امام احتمال انحاب طفل موسوم بالمعاناة الى الابد.
ونستشرف معا البدايات,حين ولدت امل بعيب خلقي في الاذن,ادى الى ضعف شديد في السمع لازمها حتى سن السابعة.عندما تقرر اجراء عملية جراحية في عام 1981.وداخل غرفة العمليات في احد مستشفيات الدولة,سارت الامور بصورة غير متوقعةحيث تعقدت الحالة نزفت خلالها بغزارة وكادت تفقد حياتها لولا نقل كميات كبيرة من الدم اليها.
كتب الله لها حياة جديدة وتعافت واصبحت تسمع بطريقة طبيعية,وسرعان ما التحقت بالمدرسة بعد ان كان ضعف سمعها يقف حائلا دون ذلك.وتابعت دراستها حتى حصلت على الثانوية العامة وبدأت في اجراءات الالتحاف بالجامعة,ومن بينها فحوص الطبية روتينية.
حتى هذه اللحظة كان مرض نقص المناعة بعيدا كل البعد عنتفكير امل وتستكمل حكايتها بتفسها قائلة: عندما راجعت لتسلم نتائج الفحوص, طلبوا مني مراجعة ادارة الطب الوقائي, فذهبت بصحبة والدي.وكنا متأكدين من ان الامر يتعلف بأستفسارات حول تاريخي المرضي والعيب الخلقي الذي ولدت به.
كانت في استقبالنا احدى الطبيبات وتوجهت بحديثها الى والدي قائلة ان فحوص الدم اظهرت اصابتي بفيروس في الدم وبمراجعة ملفاتي وتقاريري الطبية.تبين لهم اني اصبت بالفيروس من خلال وحدات الدم التي نقلت الى اثناء العملية الجراحية التي خضعت لها قبل حوالي 12 سنة.واوضحت انه في عام 1981 لم يكن المرض معروفا انذاك, لذا لم تكن وحدات الدم المستوردة تخضع لفحوص خاصة, وتتابع امل :الغريب في الامر انه لم يلفت انتباهي من بين ما قالت الطبية سوى ان اصابتي تمنعني من الزواج فقد كنت على وشك الخطبة لاحد اقاربي بغير رضا ,حيث وجدت في مرضي فرصة للتخلص من هذا الارتباط, وحتى تلك اللحظة لم اكن قد ادركت طبيعة المرض الذي قصدته الطبيبة بقولها فيروس في الدم. اما والدي فقد بقى صامتا ثم انخرط في بكاء مرير طوال الطريق.
تضيف : لم يمر وقت طويل حتى في اجراء الفحوص والمراجعات اللازمة,عندها سمعت احد الاطباء ينطق اسم المرض, وكانت صدمة هزت كياني,وفي تلك اللحظة فقط بكيت وادركت سبب بكاء ابي وامي.
وهل فستان الزفاف بين مفردات دعائك)).
صحيح انني بصحة جيدة.غير ان حياتي باهته جافة لا معنى لها,اخواتي تزوجن واحدة تلو الاخرى.وطالما سمعت دعوات امي لكل منهن بالزوج الطيب والذرية الصالحة ,وعندما يحين دوري تغلبها دموعها.
طبعا كنت احلم بالفستان الابيض,والحفل والاولاد مثل كل البنات. اما الان فتضاءلت احلامي ولم تعد تتسع لامور كثيرة, من بينها فستان الزفاف. ومن يتصور ان فتاة في ظروفي يمكن ان تجرؤ على الحلم بارتداء فستان زفاف؟ كل ما ارجوه الان من الله هو ان يرزقني بشخص يعاني ظروفا مماثلة. فلا يجرهني بمرضي, يحافظ علي ويشعرني بالامان والاستقرار.طيب القلب ,على دينا وخلق,يحنو علي ويشعر بما اشعر به, ويدرك ابعاد معاناتي, يعوضني بعضا مما راح.وسوف اكون انا ايضا سندا وعوضا له.
منقول